Friday, August 15, 2014

حياة الاتضاع والتسليم - من فضائل القديسة مريم





حياة الاتضاع

كان الاتضاع شرطًا أساسيًا لمن يولد منها رب المجد

كان لابد أن يولد من إنسانة متضعة، تستطيع أن تحتمل مجد التجسد الإلهي منها... مجد حلول الروح القدس فيها... ومجد ميلاد الرب منها، ومجد جميع الأجيال التي تطوبها واتضاع أليصابات أمامها قائلة لها "من أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلىّ.." (لو1: 48، 43). كما تحتمل كل ظهورات الملائكة، وسجود المجوس أمام ابنها. والمعجزات الكثيرة التي حدثت من ابنها في أرض مصر، بل نور هذا الابن في حضنها

لذلك كان "ملء الزمان" (غل4: 4) ينتظر هذه الإنسانة التي يولد ابن الله منها

وقد ظهر الاتضاع في حياتها كما سنرى

بشرها الملاك بأنها ستصير أمًا للرب، ولكنها قالت "هوذا أنا أمة الرب" (لو1: 38) أي عبدته وجاريته. والمجد الذي أعطي لها لم ينقص إطلاقًا من تواضعها

بل أنه من أجل هذا التواضع، منحها الله هذا المجد، إذ "نظر إلى اتضاع أمته" فصنع بها عجائب.   لو1: 48، 49

  ظهر اتضاع العذراء أيضًا في ذهابها إلى أليصابات لكيما تخدمها في فترة حبلها.  فما أن سمعت أنها حُبلى- وهي في الشهر السادس- حتى سافرت إليها في رحلة شاقة عبر الجبال. وبقيت عندها ثلاثة أشهر، حتى تمت أيامها لتلد (لو39: 1- 65). فعلت ذلك وهي حبلى برب المجد
 
  ومن اتضاعها عدم حديثها عن أمجاد التجسد الإلهي

  حياة التسليم 
 
عاشت قديسة طاهرة في الهيكل.. ثم جاء وقت قيل لها فيه أن تخرج من الهيكل. فلم تحتج ولم تعترض، مثلما تفعل كثير من النساء اللائي يمنعهن القانون الكنسي من دخول الكنيسة في أوقات معينة. فيتذمرن، ويجادلن كثيرًا في احتجاج

  وكانت تريد أن تعيش بلا زواج فأمروها أن تعيش في كنف رجل حسبما تقضي التقاليد في أيامها

  فلم تحتج وقبلت المعيشة في كنف رجل، مثلما قبلت الخروج من الهيكل

  كانت تحيا حياة التسليم، لا تعترض: ولا تقاوم، ولا تحتج

بل تسلم لمشيئة الله في هدوء، بدون جدال

  كانت قد صممت على حياة البتولية، ولم تفكر إطلاقًا في يوم من الأيام أن تصير أمًا. ولما أراد الله أن تكون أمًا، بحلول الروح القدس عليها (لو1: 35) لم تجادل، بل أجابت بعبارتها الخالدة "هوذا أنا أمة الرب ليكن لي كقولك".. لذلك وهبها الله الأمومة، واستبقى لها البتولية أيضًا، وصارت أمًا، الأمر الذي لم تفكر فيه إطلاقًا.. بالتسليم، صارت أمًا للرب.. بل أعظم الأمهات قدرًا

  وأمرت أن تهرب إلى مصر، فهربت

وأمرت أن ترجع من مصر، فرجعت. وأمرت أن تنتقل موطنها من بيت لحم وتسكن الناصرة، فانتقلت وسكنت

كانت إنسانة هادئة، تحيا حياة التسليم، بلا جدال. لذلك فإن القدير صنع بها عجائب... إذ نظر إلى اتضاع أمته


 كتاب السيدة العذراء مريم
البابا شنودة الثالث

Share

No comments:

Post a Comment

Facebook Comments

Twitter

I Read

Word of the Day

Quote of the Day

Article of the Day

This Day in History

Today's Birthday

In the News